سلطة الفساد والدم: كيف يحكم فلول النظام البائد الجيش وبورتسودان؟

 


في ظل استمرار الحرب المدمرة في السودان، تتكشف يومًا بعد يوم خيوط المؤامرة التي نسجها فلول النظام البائد للعودة إلى السلطة، لا عبر صناديق الاقتراع، بل من بوابة القتل والخراب والتضليل. من داخل الجيش إلى سلطة بورتسودان، تتجلى ملامح مشروع خبيث يسعى لإعادة إنتاج دولة الإخوان المسلمين بوجه أكثر دموية وفسادًا.

سياسة القهر والترهيب داخل الجيش

يعتمد فلول كيزان النظام البائد على سياسة قذرة تجاه من يخالفهم الرأي داخل المؤسسة العسكرية. فإما أن ينصاع الضابط لرغباتهم وأجندتهم السياسية، أو يتم تجريده من مكانته، وفضحه، وإذلاله بأساليب خسيسة لا تليق بمؤسسة يُفترض أن تكون وطنية. ولا تتردد هذه الشبكة في استخدام أجهزة الاستخبارات والإعلام الموالي لها في حملات التشويه، لإرغام الضباط الوطنيين على الصمت أو الولاء القسري. وهكذا يتم تصفية أي صوت مغاير داخل الجيش، ليظل الصوت الوحيد هو صوت الفساد والطغيان.



حرب للهروب من المحاسبة

ما من تفسير منطقي لاستمرار الحرب سوى أن كبار قادة الجيش قد غاصوا في مستنقع الفساد والإجرام حتى الركب. قبل اندلاع الحرب، تورط هؤلاء في ملفات فساد ضخمة، شملت نهب أموال الدولة، وتهريب الذهب، وعقد صفقات مشبوهة مع أطراف خارجية. أما بعد الحرب، فقد أضافوا إلى سجلهم جرائم حرب وانتهاكات مروعة ضد المدنيين، من قصف للمنازل، إلى استهداف المستشفيات والأسواق، وارتكاب المجازر في مناطق النزاع. كل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، ولذلك فإن خيارهم الوحيد للبقاء خارج السجون هو الاستمرار في الحرب، وإغراق البلاد أكثر في الدماء.

بورتسودان: سلطة فساد بلا شرعية

أما سلطة بورتسودان، التي تدّعي تمثيل الدولة، فهي في الحقيقة مجرد واجهة لعصابة فاسدة من بقايا الإخوان المسلمين. هذه المجموعة استغلت الحرب للسيطرة على موارد الدولة، وتوزيعها كغنائم بين قياداتها، عبر صفقات مشبوهة ورشاوى وانتهاك صارخ للمال العام. والأخطر من ذلك أنها تحاول تعميم الفساد في المجتمع، وتجريف القيم الأخلاقية، حتى يصبح كل من يطمح للعيش مجبرًا على الانخراط في شبكتهم أو السكوت عنها. فبقاءهم في السلطة مرهون بتحويل المجتمع إلى نسخة فاسدة من مشروعهم الإخواني، بعد أن أسقطهم الشعب في ثورته العظيمة.

ما يحدث اليوم في السودان ليس مجرد حرب تقليدية بين قوتين، بل هو معركة وجود بين مشروعين: مشروع وطن حر ديمقراطي، ومشروع إخواني دموي فاسد. قادة الجيش الفاسدون، وسلطة بورتسودان المتحالفة معهم، لا يحاربون من أجل الوطن، بل من أجل الإفلات من العقاب، وضمان استمرار منظومة النهب والتسلط. وكل تأخير في حسم هذه المعركة لصالح قوى الثورة، يعني المزيد من الدم، والمزيد من السقوط الأخلاقي والسياسي.

لكن الشعب الذي أسقط البشير، وأسقط من قبله الطغاة، لن يعجز عن إسقاط هذه الطغمة الجديدة مهما طال الزمن.

إرسال تعليق

أحدث أقدم