في تطوّر يثير القلق ويعمّق جراح السودان المنكوب بالحرب، أفادت مصادر ميدانية ووسائل إعلام محلية بوصول أربع طائرات إلى مطار بورتسودان قادمة من تركيا، إلى جانب رحلة أخرى قادمة من مدينة جدة السعودية، وسط مؤشرات قوية على أنها تحمل شحنات عسكرية لدعم جيش عبد الفتاح البرهان، المتهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين الأبرياء.
تدخلات خارجية... تحت ستار "الدعم"
ما يجري اليوم على أرض السودان لم يعد صراعًا داخليًا محصورًا بين أطراف متنازعة، بل تحوّل إلى ساحة مفتوحة لتدخلات إقليمية مفضوحة، تستخدم شعارات "الدعم الإنساني" غطاءً لإمداد طرف واحد بالسلاح والعتاد. تركيا والسعودية، اللتان تحاولان الظهور كوسيطتين أو راعيتين للاستقرار، أصبحتا في نظر كثير من السودانيين جزءًا من آلة الحرب، بدعمهما المتواصل لجيش يفتك بالمدنيين ويقصف الأحياء السكنية بلا رحمة.
تركيا: شحنات أسلحة باسم "المساعدات"
تركيا، التي سبق وأن لعبت أدوارًا رمادية في أزمات مشابهة، تواصل إمداد جيش البرهان بالأسلحة والخبراء، مستغلة موانئ ومطارات السودان الشرقية المفتوحة أمامها دون رقابة دولية حقيقية. تشير المعلومات إلى أن الطائرات الأربع التي وصلت مؤخرًا لبورتسودان لم تكن تحمل معدات إغاثة أو مساعدات طبية، بل معدات عسكرية متطورة وأسلحة تُستخدم لتأجيج الحرب ضد المدنيين والخصوم السياسيين.
هذا الدعم التركي لا يمكن فصله عن مشروع أوسع لتوسيع النفوذ في البحر الأحمر، وتثبيت أقدامها من خلال تحالفات مع أنظمة عسكرية قمعية مثل نظام البرهان، حتى لو كان ذلك على حساب الدم السوداني.
السعودية: دعم غير معلن، وآثار واضحة
أما المملكة العربية السعودية، فقد ظلت تتحرك في العلن كدولة راعية للحوار والسلام، بينما تُتهم في الخفاء بتسهيل عبور شحنات عسكرية إلى الجيش السوداني، تارة عبر مطاراتها، وتارة أخرى عبر صفقات غير مباشرة عبر دول وسيطة. الرحلة الأخيرة من جدة إلى بورتسودان أثارت تساؤلات عديدة، خصوصًا في ظل صمت رسمي سعودي عن محتواها وهدفها، ما يعزز الشكوك حول تورطها في دعم آلة القتل بقيادة البرهان.
دعم لميليشيات ومرتزقة الجيش... لا للوطن
الأسلحة التي تصل عبر هذه الرحلات لا تذهب لحماية المدنيين، ولا تُستخدم في مواجهة خطر خارجي، بل تُسلّم لميليشيات ومرتزقة يعملون تحت مظلة الجيش، ينفذون حملات قصف عشوائي، ويمارسون القتل والترويع بحق سكان المدن والقرى الخارجة عن سيطرة البرهان. كل رصاصة تُطلق من هذه الأسلحة هي خيانة للإنسانية، وتواطؤ مع الجريمة.
هل يستحق البرهان هذا الدعم؟
في وقت يعيش فيه ملايين السودانيين تحت الحصار والجوع، وتُقصف المدارس والمستشفيات، لا يمكن تبرير دعم أي جهة أجنبية لجيش يقود حربًا ضد شعبه. على تركيا والسعودية أن تراجعا مواقفهما فورًا، وتدركا أن الوقوف مع أنظمة عسكرية ديكتاتورية لا يجلب لهما الاحترام، بل العار والسقوط الأخلاقي.
على المجتمع الدولي أن يفتح تحقيقًا شفافًا حول طبيعة الرحلات الجوية إلى بورتسودان، ومن يقف وراءها، ومحاسبة كل من يساهم في تغذية هذه الحرب القذرة التي تحرق السودان بلا رحمة.