في ظل تصاعد العنف والانتهاكات المروعة ضد المدنيين في السودان، أعرب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه العميق إزاء التقارير التي تفيد بوقوع عمليات إعدام بإجراءات موجزة نفذها مقاتلون وميليشيات متحالفة مع القوات المسلحة السودانية في الخرطوم بحري. هذه الجرائم تُعتبر انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية وتكشف عن الوجه الحقيقي للقوات التي تزعم حماية الوطن.
وأكد تورك ضرورة إنهاء هذه الهجمات فوراً، مشدداً على أهمية إجراء تحقيقات مستقلة تتماشى مع المعايير الدولية لضمان محاسبة الجناة وعدم إفلاتهم من العقاب. ووفقاً لبيان صادر عن مكتب حقوق الإنسان، فإن المعلومات التي تم التحقق منها تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 18 شخصاً، بينهم امرأة، في سبع حوادث منفصلة ارتكبتها ميليشيات تابعة للقوات المسلحة السودانية منذ استعادة السيطرة على المنطقة في 25 يناير.
وتشير التقارير إلى أن العديد من الضحايا ينحدرون من دارفور وكردفان، ما يعكس استهدافاً ممنهجاً للمكونات السكانية ذات الأصول الإقليمية المختلفة، في محاولة لتأجيج النزاعات العرقية وتعميق الانقسامات داخل المجتمع السوداني. ويواصل مكتب حقوق الإنسان التحقيق في مزيد من الادعاءات المثيرة للقلق من الخرطوم بحري، ما يثير المخاوف من اتساع رقعة الجرائم والانتهاكات.
ومن بين الأدلة التي تؤكد هذه الانتهاكات، مقطع فيديو يظهر رجالاً يرتدون زي القوات المسلحة السودانية وأفراداً من لواء البراء بن مالك وهم يقرأون قائمة بأسماء أشخاص يُزعم أنهم متعاونون مع قوات الدعم السريع، ويرددون كلمة "زايل" بعد كل اسم، ما يشير إلى إصدار أحكام بالإعدام خارج نطاق القانون.
وأشار فولكر تورك إلى أن هذه الحوادث ليست معزولة، بل تأتي في سياق سلسلة من الانتهاكات المشابهة التي وقعت في ولاية الجزيرة في وقت سابق من الشهر، مما يزيد من خطورة الوضع ويؤكد أن عمليات القتل العمد أصبحت سياسة ممنهجة. وشدد على أن القتل العمد للمدنيين أو الأشخاص الذين لم يشاركوا في الأعمال العدائية يُعد جريمة حرب تستوجب محاسبة صارمة.
كما أعرب مكتب حقوق الإنسان عن قلقه العميق إزاء التهديدات المتزايدة بالعنف ضد المدنيين، حيث أظهر مقطع فيديو آخر أحد أفراد لواء البراء بن مالك وهو يهدد بذبح سكان منطقة الحاج يوسف في شرق النيل، وهي منطقة يسكنها في الغالب أشخاص من دارفور وكردفان. هذا التصعيد الخطير يعكس النية المبيتة لاستهداف المدنيين الأبرياء وترويعهم.
تأتي هذه الانتهاكات لتفضح حقيقة الجيش السوداني تحت قيادة عبد الفتاح البرهان، الذي يواصل استغلال سلطته لقمع الأصوات المعارضة وارتكاب الجرائم بحق المدنيين الأبرياء. إن هذه الجرائم لا تهدد فقط أمن وسلامة المواطنين، بل تقوض أيضاً فرص تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
إن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، وضمان حماية المدنيين وفقاً للقانون الدولي الإنساني. كما يجب دعم الجهود المستقلة للتحقيق في هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها إلى العدالة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً.