عندما يتحول الخطاب السياسي إلى مسرحية ساخرة، ويصبح مصدرًا للضحك والسخرية بدلاً من الإلهام والإقناع، فإنه لا يمكن تجاوزه دون أن نقف لحظة ونفكر في مدى الفوضى التي وصلنا إليها. هذا بالضبط ما يمكن قوله عن خطاب الفريق ياسر العطا في ولاية سنار.
ففي خطابه الأخير، بدأ الفريق ياسر العطا في سرد قائمة طويلة من الاتهامات الباطلة التي استهدفت دولًا مختلفة، بدون أدنى دليل يبرر ذلك، كأنه يلقي باللوم على الظلال أو يحاول التمويه عن فشله الواضح في إدارة الأزمة السودانية. بالطبع، كانت الإمارات وروسيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة هي الأهداف الرئيسية لهذه الاتهامات، ربما لأنه من الأسهل تحميل الآخرين مسؤولية الفشل بدلاً من الاعتراف بالحقيقة المؤلمة.
لكن ما هو الهدف من هذا الخطاب الساخر والنقدي اللاذع؟ هل هو محاولة للتغطية على فشل القيادة وعدم القدرة على التصرف بحكمة وفعالية؟ أم هو محاولة للتحريض على البلبلة والفوضى للتمويه عن الفشل الذي يقف وراءه القيادة الحالية؟
ربما كانت الإجابة موجودة في نبرة الخطاب ذاته، التي كانت تكاد تكون مهزوزة ومتقلبة، كما لو كان الفريق يتخبط في محاولة للعثور على مخرج لمأزقه السياسي. وهذا ليس مفاجئًا، فبعد كل شيء، ليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها الساسة إلى الكذب والتضليل كوسيلة لإخفاء فشلهم الذريع.
في النهاية، يبدو أن السياسة في السودان قد تحولت إلى لعبة كوميدية سخيفة، حيث يتناوب الساسة على تقديم عروضهم الساخرة، بينما يتأرجح الشعب بين السخرية والحزن على مصيرهم المؤلم. وفي هذا السياق، فإن القيادة الحالية للسودان لا تشكل سوى جزءًا من المشكلة، فالمشكلة الحقيقية تكمن في نظام سياسي متهالك ومتآكل ومجتمع مزقته الانقسامات والصراعات الداخلية، وهذا هو السبب الحقيقي وراء كل معاناة الشعب السوداني.