خلافات عميقة تضرب قيادة الجيش والإسلاميين: صراع نفوذ بين البرهان والكباشي والعطا


 تشير معلومات متطابقة من مصادر مطلعة داخل المؤسسة العسكرية والحركة الإسلامية إلى تصاعد وتيرة الخلافات بين جنرالات الجيش وقادة التيار الإسلامي، في مشهد يعكس التآكل الداخلي الذي تعاني منه منظومة الحكم في السودان، وعلى رأسها عبد الفتاح البرهان.

البرهان والكباشي: صراع الولاءات وتعيينات الإخوان

أبرز مظاهر هذا الصراع يتمثل في الخلاف المحتدم بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه شمس الدين الكباشي، على خلفية تعيينات أجراها البرهان لعناصر محسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين في مناصب سيادية. فقد أثار قرار البرهان تعيين السفير السوداني السابق في السعودية "دفع الله الحاج" رئيسًا للوزراء، وتكليف "عمر عيسى" بمنصب وزير الخارجية، موجة غضب داخل أروقة القيادة العسكرية، وخاصة من الكباشي الذي يرى في هذه الخطوات تعزيزًا سافرًا لهيمنة الإسلاميين على مفاصل الدولة، وإعادة إنتاج نظام البشير بصيغته القديمة.

الكباشي في مرمى نيران الإسلاميين

في المقابل، لا تقتصر الخلافات على البرهان فقط، بل امتدت إلى مواجهة مباشرة بين الكباشي وقادة بارزين في الحركة الإسلامية، مثل أسامة عبد الله وأحمد هارون. والسبب – بحسب المصادر – يعود إلى تعيين الكباشي لشخصيات توصف بالمعتدلة، وبعضها محسوب على تحالف "صمود" المدني، في وزارة الخارجية، الأمر الذي اعتبره الإسلاميون انقلابًا ناعمًا على الترتيبات التي تضمن عودتهم التدريجية للسلطة.

مؤامرة أمنية يقودها العطا

من جهة أخرى، تتحدث مصادر عن صدام متصاعد بين البرهان ومساعده ياسر العطا، على خلفية خطة يعمل العطا على تنفيذها بدعم من الخلية الأمنية التابعة لتنظيم الإخوان وقائد سلاح المدرعات، تهدف إلى إحداث تغييرات جذرية في قيادات الوحدات العسكرية. وتركز الخطة على إحلال ضباط يدينون بالولاء التام للتنظيم مكان القيادات الحالية، وسط شكوك متزايدة حول ولاءات أكثر من سبعة من القادة العسكريين برتب عميد وعقيد، والذين بات يُنظر إليهم كخطر محتمل على مشروع الإسلاميين داخل الجيش.

البرهان يسعى لتهميش الكباشي عسكريًا

في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدًا إضافيًا، يعمل البرهان على إبعاد نائبه الكباشي عن الإشراف المباشر على العمليات العسكرية في إقليم كردفان، بعد النجاحات التي حققها الأخير هناك ميدانيًا. يسعى البرهان إلى نقل الإشراف إلى دائرة مغلقة مرتبطة به شخصيًا، في محاولة لاحتكار الإنجازات العسكرية ونسبها لنفسه، ما أدى إلى تجدد التوترات بين الطرفين. هذه الخطوة تعكس قلق البرهان المتزايد من تنامي شعبية الكباشي داخل الجيش، مقابل تراجع الثقة في أدائه السياسي والعسكري، خاصة بعد فشله في إدارة الملف السياسي وتزايد الانتقادات الموجهة إليه من داخل المؤسسة العسكرية.

الخلافات الحالية لا تعكس فقط صراعًا على النفوذ داخل الجيش أو الدولة، بل تكشف انقسامًا حادًا بين أجنحة السلطة المتحالفة في الظاهر، والمتصارعة في الخفاء. وبينما يحاول البرهان اللعب على الحبال كافة لضمان بقاءه، فإن الكباشي والعطا وقادة الإسلاميين يتحركون في اتجاهات مختلفة، ما ينذر بانفجار وشيك داخل النظام قد يغير ملامح المشهد السياسي والعسكري في السودان كليًا.

إرسال تعليق

أحدث أقدم