بوادر أزمة سياسية جديدة في بورتسودان مع وصول رئيس الوزراء الجديد "كامل إدريس"

 


في 29 مايو 2025، وصل رئيس الوزراء السوداني المُعيَّن حديثًا، د. كامل إدريس، إلى مدينة بورتسودان، حيث من المتوقع أن يؤدي القسم أمام رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بتاريخ 31 مايو، على أن يبدأ مهامه رسميًا في الأول من يونيو. غير أن هذا الحدث الذي يبدو شكليًا في ظاهره، يخفي خلفه تحركات سياسية معقدة قد تفتح بابًا واسعًا للخلاف بين مكونات السلطة في شرق السودان.

حل الحكومة.. بداية عاصفة

المعلومات المؤكدة تشير إلى أن كامل إدريس سيُقدِم على حل الحكومة الحالية فور مباشرته مهامه. وبالرغم من أن هذه الخطوة تندرج ضمن صلاحياته الدستورية، فإن توقيتها وحجم التوترات الكامنة وسط الكتلة الداعمة للجيش، قد يجعل منها شرارة لأزمة سياسية جديدة. فعملية تشكيل الحكومة القادمة لا تبدو مسألة توافقية، بل ساحة صراع محتدم بين أطراف مختلفة تتنازع النفوذ.

ضغوط الإسلاميين.. وحكومة "التكنوقراط" المزعومة

الحركة الإسلامية، التي استعادت نفوذها تدريجيًا داخل مؤسسات الجيش والسلطة في بورتسودان، تمارس ضغوطًا متزايدة على "البرهان" لتعيين شخصيات محسوبة على الصف الثاني داخلها في الحكومة المقبلة، وتقديمهم على أنهم "تكنوقراط مستقلون". هذه الخطة تُعد محاولة واضحة لإعادة إنتاج النظام السابق بوجوه جديدة، وتثبيت نفوذ الإسلاميين داخل مفاصل الدولة دون إثارة انتباه الرأي العام أو المجتمع الدولي.

تهميش الحركات المسلحة.. لعبة النفوذ والوزارات

في السياق ذاته، كشفت تسريبات عن وجود نية مبيتة لدى بعض المقربين من البرهان لإقصاء الحركات المسلحة من بعض الوزارات السيادية والمهمة، وعلى رأسها وزارتي المالية والمعادن. ويبدو أن هذا التوجه مدفوع برغبة أطراف في الهيمنة على الموارد الاقتصادية في شرق ووسط البلاد، وإضعاف شوكة الحركات التي تشكلت نتيجة اتفاق جوبا للسلام.

إعادة النظر في نسبة المشاركة.. من 25% إلى أقل؟

الأخطر من ذلك، هو ما يُتداول في كواليس السلطة حول اتجاه لمراجعة نسبة مشاركة الحركات المسلحة في هياكل الحكم، والتي تم تحديدها سابقًا بـ25%. وتستند المبررات المعلنة لهذا التوجه إلى "خسائر الحركات المسلحة في دارفور وكردفان"، وهو ما يُخشى أن يُستخدم كذريعة لتقليص نفوذها السياسي، ما قد يُفاقم حالة الاحتقان ويُفجر الاتفاقات الهشة التي قامت عليها السلطة الحالية.

وصول د. كامل إدريس إلى رئاسة الوزراء لا يبدو كمرحلة جديدة من الاستقرار، بل يُنذر بفتح أبواب خلافات عميقة وسط مكونات سلطة بورتسودان، خاصة في ظل هيمنة الجيش، وتزايد أطماع الحركة الإسلامية، وتراجع ثقة الحركات المسلحة في الشراكة القائمة. الأيام القادمة قد تحمل تصعيدًا سياسيًا يعيد ترتيب خارطة القوى، أو يُسرّع من انهيار التفاهمات الهشة التي قامت عليها سلطة ما بعد انقلاب 2021.

إرسال تعليق

أحدث أقدم