الإخوان والبرهان: تحالف الفوضى وتمزيق السودان

 


منذ أن تسلّل تنظيم الإخوان المسلمين إلى مفاصل السلطة في السودان في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، لم تعرف البلاد طعماً للاستقرار. فقد عمل هذا التنظيم على زرع الفتن وتعميق الفساد وترسيخ سلطته عبر مؤسسات الدولة، مستغلاً الدين غطاءً لتمكين قادته من السيطرة على مقدرات السودان. واليوم، وبعد أكثر من عام على اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، يتجدد المشهد ذاته، ولكن بوجوه مختلفة؛ إذ يواصل الإخوان دعم عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، في سعيه المحموم نحو السلطة، مما يؤدي إلى مزيد من الفوضى والانقسام والدمار.

هذا التحالف بين الإخوان والبرهان ليس فقط سياسياً، بل تحوّل إلى مظلة تُرتكب تحتها جرائم مروعة بحق المدنيين. إن الإخوان، في سعيهم لفرض أجنداتهم، يقدمون الدعم السياسي والمالي والإعلامي للبرهان وجيشه، ما يجعلهم شركاء مباشرين في كل الجرائم التي ارتُكبت بحق الأبرياء في الخرطوم ودارفور وكردفان وغيرها من المناطق المنكوبة. لا يمكن غضّ الطرف عن دورهم في تأجيج الحرب وزرع بذور الفتنة الطائفية والقبلية، وهم الذين طالما استخدموا هذه التكتيكات لتفكيك المجتمعات والسيطرة عليها.

ولأن مصلحة الإخوان تكمن في استمرار الفوضى، فهم يدعمون البرهان في تعطيل أي مسار للسلام أو المصالحة. ورفض البرهان حضور المؤتمرات الدولية والانخراط في اتفاقيات سلام حقيقية لم يكن خياراً فردياً، بل هو جزء من خطة جماعية أوسع تقودها جماعة الإخوان بهدف إعادة سيطرتهم على السودان عبر البوابة العسكرية. فهم يرون في البرهان الحصان الذي يمكنهم من العودة إلى السلطة، ولو على جثث السودانيين.

أما من الناحية العسكرية، فقد أثبت البرهان فشلاً ذريعاً في الحفاظ على وحدة الجيش السوداني. فمنذ اندلاع الحرب، تفككت مؤسسات الجيش، وبرزت الانشقاقات، وتعمق الانهيار، مما يعكس غياب القيادة الرشيدة. بدلاً من الاعتماد على مؤسسات الدولة الوطنية، لجأ البرهان إلى جماعات متطرفة ودعم خارجي من الإخوان، مما جعل المؤسسة العسكرية رهينة لمصالح أيديولوجية وأجنبية، لا علاقة لها بمصلحة السودان أو أمنه القومي.

وفي ظل هذا المشهد المعتم، تتضح نوايا البرهان الحقيقية: فهو لا يسعى إلى الحفاظ على الدولة أو وحدة الوطن، بل إلى تحقيق أهدافه الشخصية في الحكم بدعم من حلفائه الإخوان. مماطلته في كل مسار يمكن أن يؤدي إلى وقف الحرب أو تهدئة الأوضاع، تؤكد أن السودان ليس في حساباته، بل هو مجرد وسيلة لتحقيق طموحاته الشخصية ومصالح التنظيم الذي يقف خلفه.

إن إنقاذ السودان من هذا المسار التدميري يتطلب أولاً تفكيك تحالف البرهان والإخوان، وكشف جرائمهم أمام الرأي العام المحلي والدولي، وإطلاق مسار حقيقي للسلام يستبعد المتورطين في الحرب والفساد. فبقاء هذا التحالف يعني استمرار الحرب، واتساع رقعة الدمار، وتعميق الانقسامات، وهو ما لم يعد الشعب السوداني قادراً على تحمله.

إرسال تعليق

أحدث أقدم