معاناة عمال الموانئ في بورتسودان: أزمة إنسانية في ظل سياسات غير عادلة


 

تشهد موانئ بورتسودان أزمة إنسانية حادة نتيجة لتجاهل الحكومة لحقوق العمال، حيث أعلن مسؤول نقابي يوم الثلاثاء أن حوالي 15 ألف عامل في الميناء لم يتلقوا مستحقاتهم المالية. هذه الأزمة لم تكن نتيجة نقص في الموارد بقدر ما كانت نتيجة سياسات مالية جديدة تُجبر العمال على استخدام أنظمة مصرفية معقدة لا تتناسب مع واقع حياتهم اليومية.

القرار المصرفي وتأثيره على العمال

في ظل قرار مجلس الوزراء وبنك السودان المركزي الذي يُلزم جميع الشركات والمؤسسات الحكومية بصرف الأجور عبر التحويلات المصرفية والتطبيقات البنكية، وجدت شريحة كبيرة من العمال أنفسهم محرومين من الوصول إلى مستحقاتهم. معظم عمال الميناء يفتقرون إلى الأوراق الثبوتية اللازمة لفتح حسابات مصرفية، بالإضافة إلى صعوبة استخدام التطبيقات البنكية بسبب نقص التدريب أو البنية التحتية التقنية.

هذا القرار الذي لم يراعِ خصوصية أوضاع العمال أدى إلى تدهور كبير في الإنتاج، حيث أشار جعفر طاهر، عضو جمعية عمال الشحن والتفريغ، إلى انخفاض الإنتاج اليومي من 5000 جوال إلى 600 جوال فقط قبل أن يتوقف العمل تمامًا يوم الأربعاء الماضي.

الإضراب: صرخة استغاثة

مع توقف العمل في الميناء، أصبح الموقف أكثر تعقيدًا. حذرت النقابات من أن استمرار الإضراب سيؤدي إلى خسائر مالية كبيرة، ليس فقط للعاملين ولكن أيضًا للدولة التي تعتمد على الميناء كمركز حيوي لاستقبال المساعدات الإنسانية. اليوم، دخلت باخرتان محملتان بالمساعدات الإنسانية المياه الإقليمية، ولكن مع توقف العمل في الميناء، قد تضطر الجهات المعنية للبحث عن موانئ بديلة في دول مجاورة.

العمال والجوع في ظل سياسات الحرب

في المقابل، يواصل قادة الجيش والحكومة، بقيادة عبد الفتاح البرهان ووزير المالية جبريل إبراهيم، إنفاق أموال الشعب على شراء الذخائر والطائرات المسيرة من إيران لضرب المدنيين. في الوقت ذاته، يواجه العمال في بورتسودان الجوع بسبب عدم صرف رواتبهم. هذا التناقض يبرز فشل الدولة في توفير الأولويات الأساسية لشعبها.

حقوق العمال: قضية إنسانية تحتاج إلى حل جذري

حقوق العمال المهدورة في بورتسودان ليست قضية عابرة. في عالم يزداد تقدمًا، نجد أن العمال يضطرون لخوض إضراب للمطالبة بحقوقهم الأساسية التي يجب أن تكون مكفولة دون منازعات. إن الأزمة الحالية تعكس إفلاس الدولة ليس فقط اقتصاديًا، بل أيضًا أخلاقيًا، حيث تُهدر الأموال على الحرب بينما يُترك العمال لمواجهة مصيرهم المجهول.

إفلاس الدولة وتداعياته

في ظل تدفق الأموال على الجيش، يتساءل الشعب السوداني: متى سيتمكن العمال من العيش بكرامة؟ إن الحكومة التي تُهدر الأموال على تسليح جيش يستخدم هذه القوة ضد المدنيين، تُظهر مدى عدم اهتمامها برفاهية شعبها. إن إعادة النظر في سياسات صرف الأجور وتحقيق العدالة الاجتماعية يجب أن تكون على رأس الأولويات لإنقاذ البلاد من الانهيار الكامل.

إن معاناة عمال بورتسودان هي دعوة لكل الأطراف الوطنية والدولية للتدخل ووضع حد لهذه المأساة. يجب على الحكومة مراجعة سياساتها المالية وضمان حصول العمال على حقوقهم دون تعقيدات بيروقراطية. كما يجب على المجتمع الدولي الضغط على الحكومة السودانية لتوجيه الموارد نحو تحسين حياة المواطنين بدلًا من تمويل آلة الحرب.

إن استمرار هذه الأزمة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور، ليس فقط في بورتسودان ولكن في جميع أنحاء السودان. آن الأوان لإعلاء صوت العدالة والإنسانية فوق كل اعتبار.

إرسال تعليق

أحدث أقدم