في بلد أنهكته الحروب والصراعات لعقود طويلة، برز الدكتور عبد الله حمدوك كرمز للتغيير وصوت العقل، محاولًا قيادة السودان نحو مستقبلٍ يسوده السلام والاستقرار. منذ توليه منصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية، ركز حمدوك جهوده على تحقيق السلام الشامل، معتبرًا أن إنهاء الحرب هو المفتاح الأساسي لبناء سودان جديد يحقق تطلعات شعبه.
كان السلام هو المحور الرئيسي في خطاب حمدوك منذ البداية. رأى أن الحروب ليست مجرد نزاعات مسلحة، بل هي جرح غائر يعوق التنمية، ويدمر البنية التحتية، ويفاقم معاناة الشعب السوداني. من هذا المنطلق، عمل حمدوك بلا كلل على جمع الأطراف المتنازعة ودعاهم إلى الحوار الشامل كبديل عن الحرب.
تجلت جهوده في توقيع اتفاقيات سلام مع عدد من الحركات المسلحة، ساعيًا لجعل هذه الاتفاقيات نقطة انطلاق نحو سلام دائم يعيد المهجرين إلى قراهم، ويوفر الأمن والاستقرار للمواطنين. كان حمدوك يؤمن أن أي تقدم اقتصادي أو سياسي لا يمكن أن يتحقق ما لم يتم إرساء قواعد السلام أولًا.
رغم النوايا الصادقة لحمدوك، واجهت دعواته للسلام عقبات كبيرة، أبرزها فلول النظام السابق التي لم تتخلَّ عن عقلية السيطرة والهيمنة. هؤلاء استمروا في تغذية الصراعات وتأجيج الحروب، لأنهم يدركون أن استمرار الفوضى يخدم مصالحهم ويمنع أي محاسبة على جرائمهم السابقة.
كما كانت هناك تحديات أخرى تتمثل في انعدام الثقة بين الأطراف المتنازعة، والتدخلات الخارجية التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة السودان. ورغم ذلك، أصر حمدوك على مواصلة طريقه، مدعومًا بتأييد شعبي واسع ورغبة حقيقية لدى السودانيين في إنهاء الحروب.
رؤية حمدوك للسودان كانت واضحة: وطن بلا نزاعات، تسوده العدالة والمساواة، ويتسع لجميع أبنائه بمختلف انتماءاتهم. كان يؤمن أن السلام ليس مجرد غياب الحروب، بل هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وتنمية المناطق المهمشة، وتوفير الفرص للجميع.
عمل حمدوك أيضًا على تعزيز دور المجتمع المدني في دعم جهود السلام، مشددًا على أهمية مشاركة النساء والشباب في بناء المستقبل. بالنسبة له، السودان الذي يحلم به هو وطن يتعايش فيه الجميع بسلام، ويعملون معًا لتحقيق التنمية والازدهار.
رغم استقالته من منصبه، استمرت دعوات حمدوك للسلام كوصية يحملها كل سوداني يؤمن بحق بلده في الاستقرار. حث الأطراف كافة على وقف القتال ووضع مصلحة السودان فوق أي اعتبارات أخرى.
هذه الدعوات ليست مجرد كلمات، بل هي خريطة طريق لإنقاذ السودان من أزماته، ومسؤولية تقع على عاتق الجميع، سواء كانوا قادة سياسيين، أو مواطنين عاديين.
الدكتور عبد الله حمدوك كان ولا يزال رمزًا للسلام في السودان. دعواته لإنهاء الحرب وبناء وطن جديد هي أمل السودانيين في الخروج من دائرة العنف التي استنزفت موارد البلاد وطاقاتها.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج السودان إلى الالتفاف حول دعوات حمدوك للسلام والعمل بجدية لتحقيقها. لأن مستقبل السودان لن يُبنى إلا على أسس السلام، العدل، والتنمية المستدامة التي تحترم حقوق جميع مواطنيه.