شهدت السودان منذ أبريل 2023 واحدة من أعنف الصراعات الداخلية في تاريخها الحديث، حيث اندلعت مواجهات دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أسفرت عن سقوط مئات الضحايا وتشريد الآلاف. في ظل هذه الفوضى العارمة، برز الدكتور عبدالله حمدوك كأحد أهم الشخصيات التي سعت بكل جدية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام بين الأطراف المتنازعة.
لقد كانت جهود حمدوك على مدى ستة أشهر حافلة بالتحديات والمصاعب، حيث عمل بلا كلل على توحيد الصف السوداني والتوصل إلى حلول تضمن استقرار البلاد. بفضل خبرته الواسعة كسياسي واقتصادي دولي، واكتسابه احترام المجتمع الدولي خلال فترة توليه رئاسة الحكومة الانتقالية، أصبح حمدوك شخصية قادرة على التفاوض مع كافة الأطراف من منطلق الحياد والمصلحة الوطنية.
منذ بداية الصراع، دعا حمدوك إلى حل سياسي شامل كبديل عن الحلول العسكرية التي تفاقم الوضع وتزيد من معاناة المدنيين. كان يركز على أهمية الحوار كأداة أساسية لوقف العنف، مشيرًا إلى أن القوة العسكرية لن تجلب إلا المزيد من الدمار والتفكك. وبفضل علاقاته الدولية الواسعة، تمكن حمدوك من الحصول على دعم دولي لمبادرته، حيث عمل على حشد التأييد من الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، والعديد من الدول المؤثرة إقليميًا ودوليًا.
من الركائز الأساسية لجهود حمدوك هو إيمانه بالدور المحوري للمدنيين في بناء السلام. فقد عمل على توحيد الصفوف بين قوى المجتمع المدني السوداني، بما في ذلك الأحزاب السياسية، منظمات المجتمع المدني، والنقابات، من أجل تعزيز الوحدة الوطنية. وقد عقد عدة اجتماعات مع شخصيات وطنية ودولية لبحث كيفية إشراك هذه القوى في حل النزاع، وضمان أن يكون لهم دور في رسم ملامح المستقبل.
لم تكن جهود حمدوك تقتصر على الجانب المدني فقط، بل امتدت لتشمل التواصل مع القيادات العسكرية في الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. سعى حمدوك إلى تقريب وجهات النظر بين هذه الأطراف المتنازعة، محاولًا بناء جسور من الثقة تساعد في تخفيف حدة التوتر وتسهيل عملية الحوار. كان هدفه الأساسي هو إقناعهم بأن الحرب ليست الحل وأن البلاد تحتاج إلى جهود مشتركة للخروج من أزمتها.
لعب حمدوك أيضًا دورًا بارزًا في التنسيق مع الوساطات الدولية التي حاولت التدخل لإنهاء الصراع. فقد قام بعدة زيارات خارجية واجتمع مع زعماء إقليميين ودوليين لبحث سبل تعزيز الحلول السلمية. كما عمل على إقناع المجتمع الدولي بضرورة تقديم الدعم الاقتصادي للسودان كمحفز لإنهاء الصراع، معتبرًا أن الاستقرار الاقتصادي يعد عنصرًا مهمًا لتحقيق الاستقرار السياسي.
في ظل انعدام الثقة بين الأطراف المتنازعة، كانت واحدة من أكبر التحديات أمام حمدوك هي محاولة بناء الثقة بينهم. كان يدرك أن أي عملية سلام ناجحة تتطلب بناء جسور من الثقة بين الأطراف المختلفة، ولهذا عمل على توفير الضمانات اللازمة لنجاح أي اتفاق يتم التوصل إليه. كما قام بالضغط على الأطراف الدولية والإقليمية لدعم جهود السلام وضمان تنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه.
لا يمكن إنكار أن جهود الدكتور عبدالله حمدوك خلال الستة أشهر الماضية كانت ذات تأثير كبير في تعزيز فرص السلام وإنهاء الحرب. وبينما لم يتم تحقيق السلام الشامل حتى الآن، إلا أن مساعي حمدوك تظل بمثابة بارقة أمل للسودانيين الذين عانوا من ويلات الحرب. إذا تم دعم جهوده من قبل الأطراف الدولية والإقليمية، يمكن أن تشهد البلاد نهاية لهذا الصراع الدامي وتبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار والبناء.