ألقى الحارث إدريس، المندوب السوداني الدائم لدى الأمم المتحدة، خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يحمل في طياته العديد من التناقضات والمواقف التي تعكس سياسة الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان. الخطاب، بدلاً من أن يكون محاولة للدفاع عن الشعب السوداني وإيجاد حلول للأزمة الإنسانية، كان بمثابة كشف صريح للأجندات السياسية والعسكرية التي تتجاهل مصلحة المدنيين.
1. عدم اكتراث الجيش بحماية المدنيين
من خلال مضمون كلمته، بدا واضحًا أن البرهان ونظامه العسكري لا يولون أي اهتمام لحماية المدنيين في السودان. فبدلاً من التركيز على جهود حقيقية لإنهاء معاناة الشعب، انصب خطاب المندوب على تبرير سياسات الجيش وتوجيه الاتهامات للآخرين. هذا التجاهل الممنهج للأزمة الإنسانية يعكس انعدامًا تامًا للمسؤولية تجاه شعب يعاني من القتل والتهجير والجوع.
2. التضامن مع الفيتو الروسي: دعم خارجي مكشوف
إعلان المندوب السوداني عن تضامنه مع الفيتو الروسي يُظهر بوضوح تدخلات خارجية وعسكرية لدعم الجيش السوداني. هذا الدعم لا يأتي إلا على حساب المدنيين الذين يُعانون من نتائج هذه التدخلات، ما يضع السودان في موقع تابع لأجندات دولية تسعى لتعزيز نفوذها، وليس لإنقاذ الأرواح أو تحقيق الاستقرار.
3. تجاهل المنظمات الدولية
اتهام المندوب لمجلس الأمن الدولي بعدم القيام بدوره يعكس افتقار الحكومة السودانية لاحترام المنظمات الدولية والدول ذات العضوية الدائمة فيه. هذا الخطاب العدائي يوضح رغبة الجيش في التنصل من مسؤولياته وإلقاء اللوم على الأطراف الأخرى، بدلاً من العمل على تحسين الأوضاع الداخلية.
4. ادعاءات متناقضة بشأن حماية المدنيين والمساعدات
رغم زعم المندوب أن الحكومة السودانية حريصة على حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإغاثية، إلا أن الحقائق على الأرض تكذب هذه الادعاءات. قصف المناطق السكنية، واستهداف المستشفيات والمدارس، وعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية تعكس صورة مغايرة تمامًا.
5. الاتهامات الموجهة للدول: هروب من المسؤولية
بدلاً من تحمل مسؤولية الكارثة الإنسانية، وجه المندوب السوداني الاتهامات للدول والأطراف الدولية، في محاولة للهروب من المساءلة. هذا النهج يتجلى في ترحيبه بالفيتو الروسي، الذي يعطل أي قرار قد يسهم في تخفيف معاناة السودانيين.
6. تسييس المساعدات الإنسانية
إعلان المندوب عن قرار البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإيصال المساعدات الإنسانية يؤكد أن الجيش يستخدم هذه المساعدات كورقة ضغط لتحقيق أجندته السياسية. تشكيك المندوب في دور المنظمات الإغاثية يُضعف الثقة في نوايا الحكومة ويقوض الجهود الدولية لإنهاء الأزمة الإنسانية في السودان.
خطاب المندوب السوداني كان انعكاسًا واضحًا لسياسات البرهان والجيش التي تهدف إلى تبرير الانتهاكات والهروب من المسؤولية. السودان اليوم بحاجة إلى قيادة تتحلى بالشجاعة للاعتراف بأخطائها والعمل على إصلاحها، بدلاً من الاستمرار في لعبة الاتهامات وتسييس المساعدات الإنسانية. على المجتمع الدولي أن يدرك أن الجيش السوداني بقيادة البرهان يمثل عائقًا أمام حل الأزمة وليس جزءًا من الحل.