الجيش السوداني يتحدى مخرجات مؤتمر لندن: انتهاكات مستمرة وعرقلة للمساعدات الإنسانية


 

في الخامس عشر من أبريل 2025، اجتمع ممثلون عن المجتمع الدولي في العاصمة البريطانية لندن، في مؤتمر خُصّص بالكامل لمناقشة الأزمة السودانية المتفاقمة. وقد خرج المؤتمر بجملة من التوصيات والمخرجات ركزت على أربعة محاور رئيسية: حماية المدنيين، التخفيف من انعكاسات الحرب الكارثية عليهم، ضمان وصول المساعدات الإنسانية، والدفع بالعملية السياسية نحو حل شامل ينهي الحرب.

لكن، وبعد مرور أسابيع على انعقاد المؤتمر، بات من الواضح أن الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان اختار تجاهل هذه المخرجات، ضاربًا بها عرض الحائط، ومواصلًا سياسة الأرض المحروقة ضد المدنيين العزّل، وممعنًا في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة.

انتهاكات ممنهجة ضد المدنيين

رغم دعوات مؤتمر لندن إلى احترام القانون الدولي الإنساني وتحييد المدنيين عن الصراع، استمر الجيش السوداني في استهداف الأحياء السكنية بالقصف العشوائي، ما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، بينهم نساء وأطفال. بل وثّقت منظمات حقوقية حالات إعدام ميداني واعتقال تعسفي، في تجاوز صارخ لكافة الأعراف الإنسانية.

وتزايدت التقارير عن استخدام الجيش للاعتداءات كوسيلة للانتقام من المجتمعات التي يشتبه في تعاطفها مع الخصوم، ما يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي. وقد طالت هذه الانتهاكات مناطق مثل الخرطوم، الجزيرة، وشرق النيل، حيث يعيش ملايين المدنيين في ظروف مأساوية تحت حصار فعلي يمنع عنهم الغذاء والدواء.

عرقلة وصول المساعدات: سياسة تجويع مُتعمدة

أحد أبرز بنود مؤتمر لندن كان التأكيد على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية عبر ممرات آمنة. إلا أن القوات التابعة للجيش السوداني تمارس سياسة منهجية في عرقلة الإغاثة، عبر إغلاق الطرق، ومصادرة الشحنات، وتهديد طواقم الإغاثة، بل وابتزازها في بعض الحالات.

وتفيد مصادر داخل منظمات دولية بأن الجيش يفرض قيودًا مشددة على دخول المساعدات إلى مناطق خارج سيطرته، ما يُفسر كوسيلة لتجويع المدنيين واستخدامهم كورقة ضغط سياسية وعسكرية. كما تشير تقارير مسربة من داخل برنامج الغذاء العالمي إلى تواطؤ بعض المسؤولين الدوليين في التستر على هذه العراقيل، خشية إثارة غضب قيادة الجيش.

تحدي للإرادة الدولية

إن عدم التزام الجيش السوداني بمخرجات مؤتمر لندن لا يعكس فقط استخفافًا بالمدنيين، بل هو تحدٍ مباشر للإرادة الدولية. ويضع هذا السلوك المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي: هل ستبقى قراراته حبرًا على ورق، أم أنه سيتحرك لفرض آليات محاسبة حقيقية على من يعرقل السلام ويرتكب الانتهاكات؟

في ظل استمرار هذه الجرائم، يصبح من الملحّ أن تتحرك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لفرض عقوبات على المسؤولين العسكريين المتورطين، وتقديم الدعم الكامل لمسارات العدالة الدولية التي تُطالب بمحاسبة من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء.

إرسال تعليق

أحدث أقدم